المشاكل القانونية للعقود الإلكترونية
المشاكل القانونية للعقود الإلكترونية، يثير التعاقد الإلكتروني عدة مشاكل، وذلك لأنه عقد يقع عن بعد، أي بين عاقدين غائبين عن بعضهما، وهو عقد يقع في مجلس تعاقد حكمي، كما أن إجراءه يتم عن طريق وسائل اتصالات إلكترونية وآليات جامدة، وهو عقد يقع بين عاقدين ينتميان لدولتين مختلفتين. ويتبع كل واحد منهما نظاماً قانونياً مختلفاً عن الآخر، وهذا أمر يثير مشكلة تنازع القوانين، وتحديد القانون الواجب التطبيق، والمحكمة المختصة بفض التنازع إن وقع، وبما أنه عقد يقع بين غائبين، فهذا أمر يثير مشكلة تحديد هويتهما، والتأكد من شخصيتهما، ومدى ملائمتهما المالية لإجراء عقد من عقود المعوضات المالية، وبما أنه عقد يتم إجراؤه عبر وسائط إلكترونية فإن ذلك يثير جملة قضايا منها صحة التوقيع الإلكتروني ونسبته لمن صدر عنه، ومنها طريقة تسليم السلع وغيرها.
ومن هذه المشكلات :
مشكلة التعبير الإلكتروني عن الإرادة
التعبير عن الإرادة العقدية يصح بكل ما يدل على مقصود المتعاقدين، شريطة أن يكون مفهوماً لديهما، فكل ما يدل أو يفصح عن الإرادة (النيَّة) الكامنة في النفس يصلح وسيلة للتعبير عنها سواء أكان قولاً، أو فعلاً، أو كتابة، أو إشارة مفهومة عرفاً، أو أي موقف لا تدع ظروف الحال شكَّاً في أنه يقصد به التعاقد. والتعبير عن الإرادة قد يكون صريحاً، وقد يكون ضمنياً ما لم يشترط القانون شكلاً خاصاً للتعبير عنها.
والإرادة قد تكون باطنه، وهي الإرادة الحقيقية، وقد تكون ظاهرة، وهي التي يعلن عنها.
وقد أجازت الاتفاقيات الدولية، وفتاوى المجامع الإسلامية الفقهية، والقانون، التعاقد عن طريق آلات الاتصال الحديثة ووسائله. فقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي بجدة عام 1410ﻫ – 1990م، إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة واستثنى منها ثلاثة عقود هي عقد الصرف لوجوب التقابض، وعقد السلم لوجوب حلول رأس المال، وعقد الزَّواج لوجوب الإشهاد والإشهار.
وأقرَّت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقد البيع الدولي للبضائع التعاقد عن طريق وسائل الاتصال الفوري. حيث أجازت أن يكون الإيجاب والقبول بالهاتف، أو التلكس، أو غير ذلك من وسائل الاتصال الفوري، والفقرة الأخيرة هذه وضعت لإدخال أي وسيلة اتصال يمكن اختراعها مستقبلاً، ويدخل فيها الشبكة الإلكترونية.
ونص قانون الأونسيترال النموذجي للتجارة الإلكترونية لسنة 1996م على جواز التعبير عن الإرادة من خلال تبادل البيانات الإلكترونية في الأعمال التجارية. حيث نص على أنه: ((في سياق تكوين العقد – وما لم يتفق الطرفان على غير ذلك – يجوز استخدام رسائل البيانات للتعبير عن العرض، وقبول العرض، وعند استخدام رسائل البيانات في تكوين العقد، لا يفقد ذلك العقد صحته أو قابليته للتنفيذ بمجرد استخدام رسالة بيانات لذلك الغرض. وهذا يستفاد منه جواز التعبير عن الإرادة العقدية بطريقة إلكترونية)).
مشكلة مجلس العقد في العقود الإلكترونية
بيَّن الفقهاء المسلمون القدامى الأحكام المتعلقة بمجلس العقد، ولكنهم لم يضعوا له تعريفاً جامعاً مانعاً، ومعلوم أن مجلس العقد يرتبط بأشخاص المتعاقدين، ويرتبط بمكان وجودهما، والزمان الذي يجريان فيه العقد، وبالشيء المعقود عليه “محل العقد” وبالصيغة التي يتم بها إجراء العقد، ولذلك ذهبوا في مجلس العقد عدة اتجاهات فمنهم من ذهب إلى أنه وحدة مكانية، ومنهم من رأى أنه وحدة زمانية، ومنهم من يقول بأنه هيئة معينة يكون عليها طرفا التعاقد، وقت إجراء العقد، وذهب آخرون إلى أنه وحدة معنوية يظل فيها المجلس قائماً ما لم يتشاغل طرفا العقد بما يقطعه عرفاً.
وقد عُـرِّف مجلس العقد بأنه: ((مكان وزمان التعاقد، والذي يبدأ بالانشغال البات بالصيغة، وينفض بانتهاء الانشغال بالتعاقد)).
إن مجلس العقد إما أن يكون حقيقياً، وهو الذي يتم فيه التعاقد بين حاضرين، وإما أن يكون حكمياً وهو المجلس الذي يكون فيه أحد المتعاقدين غير موجود به.
ونص قانون الأونسيترال النموذجي للتجارة الإلكترونية لسنة 1996م على جواز التعبير عن الإرادة من خلال تبادل البيانات الإلكترونية في الأعمال التجارية. حيث نص على أنه: ((في سياق تكوين العقد – وما لم يتفق الطرفان على غير ذلك – يجوز استخدام رسائل البيانات للتعبير عن العرض، وقبول العرض، وعند استخدام رسائل البيانات في تكوين العقد، لا يفقد ذلك العقد صحته أو قابليته للتنفيذ بمجرد استخدام رسالة بيانات لذلك الغرض. وهذا يستفاد منه جواز التعبير عن الإرادة العقدية بطريقة إلكترونية)).
مشكلة القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة
بما أن العقود الإلكترونية يتم إجراؤها بين أطراف من دول مختلفة – غالباً – فإن ذلك يثير مشكلة القانون الواجب التطبيق، والمحكمة المختصة بفض النزاع إن وقع.
الأصل في مثل هذه المسألة أن يطبق قانون الإرادة، وذلك لأن الأصل في العقود أنها تجري بحرية إرادة أطرافها، فلأطراف العقد – أيضاً – الحرية الكاملة في اختيار القانون الواجب التطبيق على منازعاتهما، فإذا كان تحديدهما للقانون الواجب التطبيق صريحاً يسمى اتفاقهما بـ” شرط الاختصاص التشريعي” وقد يكون تحديدهما للقانون الواجب التطبيق ضمنياً، وفي هذه الحالة فإن المسألة تخضع لسلطة القاضي التقديرية بغرض تحديد القانون الواجب التطبيق. والقاضي يستشف المسألة من نيَّة الأطراف، وظروف التعاقد، وملابساته، والعملة التي سيتم الدفع بها، ومكان الدفع، أو التنفيذ، ولغة العقد
إن الأصل أن يحدد القانون الواجب التطبيق لحظة إبرام العقد، ويجوز أن يكون تحديده لاحقاً لإبرام العقد وقبل وقوع النزاع، والأولى أن يقوم أطراف التعاقد باختيار القانون الواجب التطبيق على نزاعهما إن وقع، والمحكمة المختصة بفض النزاع، أو أية آلية أخرى كالتحكيم والوساطة والمفاوضات والتي سنتطرق له لاحقاً.
الوسائل الإلكترونية لحل منازعات العقود الإلكترونية
ظهرت فكرة حل النزاعات إلكترونيا في التسعينات بعد ظهور الوساطة عن طريق الهاتف ففي عام 1992 نادي الأستاذ هنري بيرت ولأول مرة بفكرة حل النزاعات الكترونيا وذلك قبل دخولها حيز التنفيذ عام 1993 وبعد عام من هذا التاريخ بدأ الأستاذ ديفيد جونسون في دراسة الاحتمالات والتصورات والتي تتفق مع خصائص الشبكة المعلوماتية التي تجرى من خلالها التجارة الإلكترونية لإمكانية حل النزاعات الناشئة عن المشاكل القانونية للعقود الإلكترونية .
نظرا لطبيعة العقود الإلكترونية والتى تتميز بالدولية فهذا يثير العديد من المشكلات فيما يخص القانون واجب التطبيق والمحكمة المختصة فالعقد الإلكتروني يخضع للنظرية العامة للعقد اي انه يخضع لمبدأ سلطان الإرادة .
واما بالنسبة للمحكمة المختصة فقد أستقر العمل في قانون المرافعات علي ان المدعى هو من يسعى للمدعى عليه وهذا ما قررته المادة 29 من قانون المرافعات المصري والمادة 24/1 من قانون المرافعات الفرنسي الصادر عام 1975.
يقصد بالوسائل الإلكترونية تلك الوسائل البديلة لفض منازعات عقود التجارة الإلكترونية بدلا من اللجوء إلي المحاكم الوطنية حيث يصطدم المتخاصمون بمشكلة غياب قوانين منظمة لهذه العقود وصعوبة تحديد الاختصاص وتجنبا للتعقيدات الإجرائية المتبعة مما تكلفه من أموال ووقت وجهد فأصبح الاهتمام يتزايد لدى الأطراف المتنازعة بهذه الوسائل لما توفره من تسهيلات وباعتبارها أكثر الجهات خبرة للتعامل مع مسائل التجارة الإلكترونية ومما تتيحه من ثقة بكفاءة الجهة التي تتولى نظر النزاع. وتتمثل هذه الوسائل في : التحكيم الالكتروني , والمفاوضات الإلكترونية , والوساطة الإلكترونية وسنلقي بعض الضوء علي كل منها .