علم النفس:
تتألف كلمة علم النفس من كلمتين يونانيتين هما (Psychology)، فأنّ الكلمة الأولى تعني الروح أو العقل أو مبدأ الحياة، والكلمة الثانية تعني المعرفة أو الدراسة، فأنَّ علم النفس يعد واحد من العلوم القديمة والحديثة، كانت بدايات ظهور مفهوم علم النفس ضمن العلوم الفلسفيّة، فقد كان الإنسان في قديم الزمن يسعى لمعرفة وفهم الظواهر البشريّة والإنسانيّة، وسعى بعض الفلاسفة من أجل تلبية الحاجات الإنسانيّة من خلال وضع بعض التصورات الفكريّة تجاه الوجود الإنساني وتجاه العقل والمعرفة بصفة عامة، ونجد من خلال هذه التصورات ظهرت العديد من النظريات الفلسفية النفسيّة كنظرية القيم، ونظرية المعرفة، ونظرية الوجود، وفلسفة العقل وغيرها.
أما في عصرنا الحديث ومع التوسع المعرفي في العلوم، وفي ظل التطورات الفكريّة بشكل عام، وعلم النفس بشكل خاص، وبسبب هذا ظهرت الحاجة الضروريّة في تفرد علم النفس بكيان معرفي تجريبي مستقل، ففي أواخر القرن التاسع عشر استقل علم النفس عن العلوم الفلسفيّة الأخرى بشكل كامل، والذي كان له الدور الأساسي في هذه الخطوة هو العالم الألماني “فونت”، والذي قام لأول مرة بإنشاء مختبر سيكولوجي يخدم الأبحاث النفسيّة والباحثين النفسييّن.
تعريف علم النفس بدقة:
ظهر العديد من التعريفات المتعلقة بعلم النفس عن طريق مباحث متناولة عدة جوانب من الجوانب الإنسانية، ومن هذه التعريفات عُرِّف علم النفس على أنَّه العلم الذي يختص بدراسة سلوك الإنسان من النَّاحية العقليّة والنفسيّة باعتباره يستجيب للمؤثرات الخارجيّة، ويمكن أنّ نعرف علم النفس أيضاً على أنَّه العلم الذي يختص بدراسة الحالة السّوية والغير سّوية للوظائف والعمليات العقليّة، مثل الفهم والإدراك والتذكر، فإن تعريف علم النفس الأصح والأشمل هو العلم الذي يختص بدراسة البيئة الداخليّة والبيئة الخارجيّة للكائن الحي وسلوكه العام من الناحية الحركيّة والعقليّة والنفسيّة، بالإضافة إلى العوامل الوراثيّة ومدى تأثيرها على شخصية الإنسان وتفاعله مع المجتمع ومع نفسه، فعلم النفس يدرس أهم المحاور التي تعمل في بحث التفاعلات السلوكية بجميع أنواعها التي تصدر عن الإنسان والأنشطة الحركية والذهنية والعقلية مثل التفكير، والعاطفية مثل الاحساس بالحزن والفرح والخوف، والعلاقات التي تربط بينهم بهدف إيجاد طريقة مناسبة لفهم وتحليل سلوك الفرد.
فروع علم النفس:
يساعد علم النفس في فهم الأنماط الشخصية المختلفة، وفي عصرنا هذا تعددت فروع علم النفس، وتقسم إلى قسمين:
علم النفس النظرية: وهي من العلوم التي تختص بدارسة المعرفة النفسيّة في كافة مجالات الحياة، وتفسر إمكانية ظواهر السلوك الإنساني المتعلقة بالنظريات النفسيّة، ومن هذه الفروع:
علم نفس النمو: ويطلق عليه اسم آخر هو علم النفس التكويني، وهو العلم الذي يدرس مراحل النمو المختلفة ومدى تأثيرها على حياة الفرد، والعوامل الوراثية بشكل عام وتأثيرها على كافة أنشطة الفرد الجسميّة والعقليّة، بالإضافة إلى دراسة الخصائص السيكولوجيّة والمبادئ العامة لمختلف المراحل العمريّة، وهذه الدراسات تصف نمو الإنسان من بدايته حتى مماته.
علم النفس الفارق: هو العلم الذي يدرس الأفراد أو السلالات أو الجماعات ويسعى إلى فهمهم، وتصنيفهم في الأماكن المناسبة لهم في المجتمع، من خلال دراسة الفوارق في الذكاء أو الفوارق في الشخصية أو الخلق التي تظهر بين الأفراد، وأيضاً دراسة الفوارق الفرديّة التي تظهر في عمق الفرد من قوة أو ضعف، بالإضافة يعمل علم النفس الفارق إلى الاستمرار في محاولة تفسير هذه الأسباب .
علم النفس الاجتماعي: هو العلم الذي يختص بالدراسة التي تؤدي إلى فهم الفرد وتفسير تفاعله مع بيئته ومع الأفراد ومع المؤثرات الخارجية في مختلف المواقف الاجتماعية، بالإضافة إلى البحث في سلوكيات الأفراد والجماعات ومدى تأثيرهم على نهج المجتمع والحضارة، كما يختص علم النفس الاجتماعي بدراسة عوامل السلوك التفاعليّة مثل الآراء والتواصل واللغة والتوجهات.
فروع علم النفس التطبيقية:
هي مجموعة من العلوم المختصة بدراسة تطبيق المعرفة النفسيّة النظرية في حياة الفرد العملية بمختلف مجالات الحياة، ويستخدم الفرد هذه المعرفة من أجل الوقاية من الأمراض النفسيّة والاضطرابات العقليّة، ويتمكن فيها من وضع الخطط العلاجيّة الفعالة والمناسبة، بالإضافة إلى تطبيق القوانين المختصة بعوائق ومشكلات عملية الإرشاد والتوجيه المهنيّ والنفسيّ، ومن فروع علم النفس التطبيقي مايلي:
علم النفس العيادي: يطلق على علم النفس العيادي اسم آخر وهو علم النفس السريري، وبشكل عام هو العلم الذي يختص بمحو الآثار النفسيّة الناتجة عن الاضطرابات والأمراض النفسية التي يشكو منها القليل من الأفراد، ويعمل الأطباء والممرضين والمعالجين النفسيّن وإلى جانبهم المعلمين والاخصائيين الاجتماعين في هذا المجال، ومن خلال استخدام المؤهلات التطبيقية المهنية يقوم علم النفس العيادي على المبادئ العلاجيّة الخاصة في علم النفس، ويقع ذلك في إطار العيادات النفسيّة أو المستشفيات.
علم النفس الجنائي: ويسمى أيضاً بعلم النفس القضائي، وفي ميدان النفس يعتبر من الفروع التي ظهرت حديثاً، وفي مجال الجرائم يعمل على تطبيق المبادئ والقوانين المتعلقة بعلم النفس النظرية ويقوم على أسس التعامل مع المجرمين، وضم حديثاً علم النفس الجنائي أساليب عرض الأدلة وطرق الإدلاء بالشهادات في المحاكم، ويسعى إلى تطوير برامج تأهيل المجرمين بشكل مستمر مع الإفراج عن مرتكبي الجرائم خلال الزمن المناسب.
علم القياس النفسي: أنّ علم القياس النفسي يهدف إلى بناء وتطوير الاختبارات النفسية لكافة مجالات النفسية في الحياة، ولوضع هذه الاختبارات يقوم بتأهيل الأخصائيين بالكفاءات المناسبة، بالإضافة إلى تحديد طرق أساليب القياس وطرق التقييم الخاصة بعلم النفس.
علم النفس التربوي: يعتبر علم النفس التربوي قسم من أقسام علم النفس العام، وهو الجانب التطبيقي للممارسات التربوية داخل غرف الصف، والذي يوظف المفاهيم والمبادئ والنظريات النفسيّة، ففي المواقف التعليميّة يعني دراسة السلوك الإنساني.
علم النفس العام: يدرس علم النفس العام أوجه النشاط النفسي التي تتشارك فيه الناس جميعاً، مثل التعليم والتفكير والانفعال والنسيان، ويعد علم النفس العام أساس الفروع الأخرى، ويكون قريب من تعريف علم النفس.
ما هي أهداف علم النفس؟
أن أهداف علم النفس بشكل عام هي ذاتها أهداف العلوم الإنسانية الأخرى، فهو يهدف إلى ثلاثة أهداف، وهي الضبط، والفهم، والتنبؤ، وقد توجد في علم النفس على الآتي:
الضبط: حيث أنّ علم النفس عن طريق المعطيات المبنية يسعى إلى فهم سلوك ومعرفة الفرد وأسباب ضبط السلوك والتحكم فيه من خلال تحديد المثيرات وطريقة ارتباطه بالاستجابات السلوكية المختلفة، أي معرفة وقت حدوث السلوك، والتحكم في بعض المتغيرات المستقلة المسببة لحدوث ظاهرة معينة، ومدى تأثير هذه الظاهرة في المتغيرات الأخرى.
الفهم: أنّ علم النفس بمختلف الجوانب المحيطة به يهدف إلى تفسير وفهم سلوك الأفراد والأسباب التي أدت إلى ظهوره، وبالتالي التمكن من معرفة كيفية آلية حدوث السلوك، بحيث يساعد هذا الفهم في تقديم التفسيرات العلمية لأي ظاهرة سلوكية.
يتم فهم الأفراد بعدة طرق ومنها:
معرفة أسباب الشرود الذهني لدى الفرد.
ضبط سلوك الفرد المنحرف وتقيمه وإصلاحه.
الدفاع النفسي الذي يقوي الفرد.
الاطلاع على عوامل القوة والضعف لدى الفرد.
التنبؤ: يقوم علم النفس بالتنبؤ بزمن إمكانية حدوث سلوك محدد، وتوقع حدوثه في حال حدوث بعض المثيرات التي تؤدي بدورها إلى ظهور الاستجابات السلوكية المتوقعة.
المراجع: