ما هي طبيعة التيار الكهربائي؟
تعبّر الكهرباء عن أحد أشكال الطاقة الأكثر انتشاراً وشيوعاً في عالمنا اليوم، لم يتم اكتشاف الكهرباء قديماً بل كان الناس يعيشون على أضواء الفوانيس ويطهون طعامهم باستخدام أنواع مختلفة من المحروقات مثل الكاز أو ما شابه ويستعملون العربات والحيوانات في تنقلهم وترحالهم، لكن اليوم وبعد اكتشاف الكهرباءالتي باتت ضرورية جداً لم يعد بالإمكان الاستغناء عنها، لأنها صارت من أساسيات الحياة، فقد أصبحت تستخدم في الإضاءة والطبخ وفي المصانع وحتى أنها باتت تستخدم في المركبات حديثة الصنع التي تسير على الطاقة الكهربائية.
للتعرف أكثر على مفهوم الكهرباء والتعرف إلى طبيعة التيار الكهربائي يجب الغوص أولاً في مكونات المواد الموجودة على هذه الأرض والتي ينتج عن قوى تجاذبها مرور التيار الكهربائي، ومن ثم دراسة توليد التيار الكهربائي من خلال تفاعل مكونات تلك المواد مع بعضها الآخر، وهذا هو موضوعنا اليوم.
مفهوم الكهرباء:
الكهرباء أو مايعرف اصطلاحاً باسم التيار الكهربائي هو ظاهرة تحدث بسبب تجاذب أجسام متعاكسة الشحنات، ينتج عنها توليد حرارة وانبعاث ضوء، وتُقاس شدة التيار الكهربائي في الجملة الدولية بالأمبير.
وكلمة الكهرباء هي كلمة يونانية الأصل معناها العنبر، وسميت بذلكإشارةً إلى مادة العنبر التي تُشحن إذا تم فركها.
وتتولد الكهرباء في أي جسم نتيجة حركة الإلكترونات بداخل ذلك الجسم، فالإلكترونات الحرة ذات الحركة العشوائية داخل الذرات تودي إلى توليد الكهرباء عندما تتدفق باتجاه معين، لذلك يمكن الاستفادة من حركة الإلكترونات في توليد الطاقة الكهربائية وذلك عن طريق تطبيق قوة خارجية تحفز حركة الإلكترونات وتجعلها تدفق من جسم إلى آخر عبر موصلات ناقلة للكهرباء.
اكتشاف الكهرباء:
كان بنجامين فرانكلين “Benjamin Franklin” العالم الشهير هو أول من لاحظ أن الكهرباء تتألف من عناصر متباينة الشحنات، منها ماهو موجب الشحنة ومنها ماهو سالب، وكان فرانكلين يتوقع أن ظاهرة البرق ماهي إلا شكل من أشكال الكهرباء، لذلك حاول فرانكلين إثبات نظريته في أن البرق هو شكل من أشكال الكهرباء، فقام بإجراء تجربته مستعيناً بطائرة ورقية في نهاية خيطها مفتاح معدني، أطلق الطائرة الورقية في الهواء خلال حدوث عاصفة رعدية، وبالفعل انتهت التجربة لصالح توقعات فرانكلين رغم أنها تسببت بأذيته، حيث جرى كما هو متوقع تماماً، فقد مر التيار الكهربائي المنبعث من السحب ودخل في الطائرة الورقية ووصل المفتاح المعدني مسبباً إصابة فرانكلين بصدمة كهربائية.
مهدت تجربة فرانكلين الطريق للعلماء الذين راحوا يبحثون في علوم الكهرباء وكيفية الاستفادة منها، فكان من بينهم العالم الشهير توماس أديسون الذي اخترع أول مصباح يعمل بواسطة الكهرباء.
تشكُّل التيار الكهربائي:
يتألف التيار الكهربائي من التراكيب الذرية للمواد، حيث أن أي مادة موجودة على كوكب الأرض تتكون من ذرات وجزيئات بالغة في الصغر، وتسمى المادة بالعنصر إذا كانت جميع ذراتها متماثلة ومتشابهة، في حين يطلق مصطلح المركب على المادة التي تكون ذراتها وجزيئاتها متباينة.
وتتألف كل ذرة بدورها من نواة مركزية واحدة، وكل نواة يوجد بداخلها بروتونات تحمل شحنات موجبة، بينما تحاط النواة بإلكترونات تحمل شحنات سالبة، ينتج عن التضاد والتعاكس في الشحنات نشوء قوة جذب بين النواة موجبة الشحنات والالكترونات سالبة الشحنة المحيطة بها.
وفي الحالة الطبيعية للذرة يكون عدد الإلكترونات السالبة مساوٍ لعدد البروتونات الموجبة، وهذا ما يجعل الذرة متعادلة من حيث الكهربائية بسبب تساوي الشحنات الموجبة الموجودة بداخل نواة الذرة مع الشحنات السالبة المحيطة بالنواة.
لكن أي ذرة قد تتعرض لإحدى الحالتين:
الحالة الأولى: إما أن تفقد الذرة إلكتروناتها فتفقد تعادلها الكهربائي، إذ تصبح كمية الشحنات الموجبة فيها أكبر من كمية الشحنات السالبة، وهنا تتحول الذرة إلى أيون للشحنات الموجبة.
أما الحالة الثانية: فهي تحدث عندما تحصل الذرة على إلكترونات من ذرة أخرى، عندها ستفقد الذرة تعادلها الكهربائي أيضاً وتصبح كمية الشحنات السالبة فيها أكبر من كمية الشحنات الموجبة، وهنا تتحول الذرة إلى أيون ذي شحنة سالبة.
الآن اذا تم توصيل جسم مشحون بشحنة سالبة مع جسم مشحون بشحنة موجبة بواسطة وصلة ناقلة للتيار الكهربائي تقوم الإلكترونات الفائضة في الجسم السالب بالمرور عبر الوصلة إلى الجسم الموجب بهدف تعويض نقص الالكترونات الحاصل في الجسم موجب الشحنة.
ينتج عن حركة تدفق ومرور الالكترونات السالبة عبر الوصلة من الجسم السالب إلى الجسم الموجب نشوء تيار كهربائي.
تدفق التيار الكهربائي بشكل فعلي:
ذكرنا آنفاً أن التيار الكهربائي يتولد نتيجة حركة الإلكترونات وتدفقها من جسم إلى آخر، لكن في الواقع لا تقفز الإلكترونات بشكل فوري، بل تكون حركتها حركة بسيطة تحدث بشكل تدريجي، حيث يبدأ أول الكترون بالتحرك حركة خفيفة وبمسافة قصيرة إلى الذرة المجاورة مؤدياً إلى إكساب الكترون الذرة الجديدة طاقته التي كان يحملها، يأتي دور الإلكترون الجديد الذي اكتسب طاقته للتو، والذي يتحرك أيضاً حركة خفيفة وبمسافة قصيرة إلى الذرة المجاورة وهكذا…
هذه العملية تؤدي إلى تسخين الموصل الذي يصل بين الجسمين وتوليد تيار كهربائي يؤدي إلى إنتاج الضوء في المصابيح الضوئية وإنتاج الحرارة وانبعاثها في المواقد الكهربائية.
أنواع الكهرباء:
يتفرع عن الكهرباء بشكل عام نمطين هما تيار مستمر وتيار متناوب، وكلا النوعين لهما استخدامات فائقة الأهمية ناتجة عن قدرة كل منهما على توليد الطاقة الكهربائية، ويشير كل منهما إلى تغير الكهرباء بواسطة الزمن، هذين النوعين هما:
النوع الأول: التيار الكهربائي المستمر أو المباشر والذي يعرف اصطلاحاً بDC اختصاراً للتركيب الانجليزي Direct Current، وفي هذا النوع تكون الإلكترونات في حركة دائمة ومستمرة وباتجاه واحد.
يمكننا ملاحظة التيار الكهربائي المستمر والحصول عليه من البطاريات، إذ يتم شحن البطارية أولاً بواسطة تيار مستمر، تصبح الطاقة الموجودة داخل البطارية نتيجة الشحن طاقة كيميائية، عند بدء استخدام البطارية تتحول الطاقة الكيمائية الموجودة بداخلها إلى طاقة كهربائية على شكل تيار مستمر، هذا يعني أنه لا يمكن شحن البطارية إلا بتيار مستمر ولا تعطي بالتالي إلا تياراً مستمراً.
النوع الثاني: التيار الكهربائي المتناوب والذي يطلق عليه أيضاً اسم التيار المتردد أو التيار المتغير، وهو يعرف اصطلاحاً بAC اختصاراً للتركيب الانجليزي Alternating Currentوفي هذا النوع تكون الإلكترونات في حركة مستمرة أيضاً لكن الحركة تكون في اتجاهين، من تطبيقات التيار المتناوب المحركات الكهربائية التي تعطي طاقة ميكانيكية تشغل أجهزة كهربائية مختلفة مثل الأدوات الكهربائية الموجودة في منازلنا.
إذاً مكمن الخلاف بين النوعين محصور في أن الكهرباء في التيار المستمر تتدفق باتجاه واحد في حين أنها تتدفق باتجاهين وتغير تلك الاتجاهات بسرعة في التيار المتناوب، ويبقى النوع الأكثر شيوعاً واستخداماً هو التيار المتناوب.
خلاصة القول أن تدفق الالكترونات السالبة من الجسم السالب إلى الجسم الموجب عبر أي جسم يسمح بمرور التيار الكهربائي مثل النحاس أو الحديد أو الزئبق وغيره يؤدي إلى نشوء تيار كهربائي، ولوحظ أن التيار الكهربائي الناتج قد يكون تيار مستمر كالذي نحصل عليه من البطاريات أو تيار متردد كالذي نحصل عليه من المولدات الكهربائية.
المراجع:
- Frank Neville H. Robinson, electricity: https://www.britannica.com/science/electricity
- Andrew Gellert , Types of Electric Current: https://sciencing.com/types-electric-current-5996.html