مغترب في يوم العيد,وصف يوم العيد,عيد بأية حال عدت يا عيد,في يوم العيد,خاطرة عن العيد, إني أدركت من الأزمنة زماناً عاد فيه الإسلام غريب.
مغترب في يوم العيد,وصف يوم العيد,عيد بأية حال عدت يا عيد,في يوم العيد,خاطرة عن العيد, إني أدركت من الأزمنة زماناً عاد فيه الإسلام غريب.

مغترب في يوم العيد “خاطرة”

وها انا مغترب في يوم العيد، لقد سمعت أن قد هلّ علينا العيد، فهل أنت العيد يا عيد ؟ فإن كنت أنت فلِمَ لا أجد في النفس نشوة ولا في القلب فرحة بك يا عيد ؟ لقد سمعت في أسلافنا يا عيد أنهم يستقبلونك بفرحة يقرنونها باسمك، فيسمونها ” فرحة العيد” وتهلل لقدومك المساجد وتكبر من فوقها المآذن. وتحتفي بك الأهالي، وتزغرد لك النساء، وتركض في روضتك الصبيان، فرحا بقدومك يا عيد. فمالي لا أرى اليوم كل هذا، ولا أجد بهجة العيد. فهل أنت حقا العيد ؟ بالله عليك أخبرني فأنا الغريب الذي لا يجد من يفهم سؤاله غيرك أو من كان مثلي في الديار غريب. فهل أنت حقا العيد ؟ إنني كلما سألت هذا السؤال سخروا مني، وقالوا تعسا لك إن لم تتذوق مثلنا طعم العيد. فإن كنت أنت العيد فلِمَ لا أجد مثلهم طعما لك يا عيد ؟ إنني مستغرب لحالك أيها العيد. فعساك أن تجيب لأني لم أجد لسؤالي من مجيب. فهل تجيب يا عيد هل تجيب ؟ .

“الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر”، فهل من مجيب ؟

وصف يوم العيد

كف عن النداء يا غريب. ” صرخة أطلقها العيد ” ثم قال: بل أنا الغريب يا غريب، مستغربا لحالي بينكم يا عبيد، فقد أرسلني ربي لأزف إليكم بشراي، فأنا العيد، وطويت السماوات طيا لأصبّحكم بصباح العيد. فقد أخبرني أسلافي أن نِعمَ الصباح عندكم صباح العيد. فلما حللت بدياركم, فوجئت بحالكم واستغربت لأمركم. إذ وجدتكم على اختلاف شديد، يا للأمر العجيب. كيف ذلك وبشير قدومي إليكم هلال واحد يا عبيد.

فلِمَ هذا الإختلاف يا غريب؟ وما زادني في أمركم دهشة وحيرة، أني وجدتكم أوطانا ورايات لا تبشر بوحدتكم ولا بتماسك بلادكم. فتساءلت أوَ لست في قوم يتلون آية ربهم:{ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} أم أني مخطئ وغير مصيب ؟ وفزعت لما سمعت صدى أصوات الرعب تدوي في سمائكم، فيا للهول، ما هذه القنابل التي تدك دياركم دكا يا غريب؟. وصدمت أيضا لهول ما رأيت، إذ رأيت أشلاء تطفو فوق سيل من الدماء، فظننتها أشلاء قرابينكم ودماء هديكم تسوقونها في يوم بركم إلى ربكم، فإذا بها دمائكم وأشلائكم، يا للأمر الرهيب. ثم رأيت ما رأيت، رأيت العجب العجاب.

رأيتكم تتربعون على الخيرات ولا تقتاتون إلا الفتات، ورأيت بينكم قوما عراة حفاة يتباهون بالمباني والقصور الفارهات. ورأيت فيكم أمرا فظيعا أغضبني، رأيت سفورا ومجونا وزندقة وعربدة في كل ركن من البلاد، ورأيت أناسا منغمسين في المحرمات. وصعقت يا غريب لما علمت أن عهد الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قد ولى مع تولي راية العقاب. وأنكم صرتم تحكِّمون شرعة غير التي أنزلها عليكم ربكم في الكتاب. فاخبرني يا غريب بأي دار حللت، فإن دار الإسلام قد توارت عني بالحجاب. إني أكاد أصعق وأفقد الصواب!!!. أوَ بعد هذا كله تسألني إن كنت أنا العيد، وأنتم الذين خلعتم عني بهجتي وحلتي فما عدت ذاك العيد. فاخبرني ما الذي جرى يا غريب؟. فأنا الذي أسأل من أنتم؟ وعليك أن تجيب. فإني أخاف إن رجعت إلى ربي، وسألني عنكم، بأي جواب سأجيب، فهل لك من رد أيها الغريب ؟.

“الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر”، فهل تجيب ؟

صدقت يا عيد، فإن حيرتك لا تختلف عن حيرتي ولا حيرة الغرباء. فدعني إذا أخبرك بما جرى، ما دمت قد ألزمتني بالرد والجواب.

عيد بأية حال عدت يا عيد

عيد بأية حال عدت يا عيد، إنه كان فيما مضى قبل أن أخرج إلى هذه الحياة، جمع من الأشقياء، اشتركوا مع الكفار، في التآمر على مصيرنا والقضاء على وحدتنا، فهدموا خلافتنا ومزقوا وحدتنا، وكسروا شوكتنا. فكانت تلك أولى مصائبنا وأعظم كوارثنا، التي فرخت فينا البؤس والشقاء. وسمعت أيضا أن مصيبة أخرى تلتها وكارثة ثانية صاحبتها بأرض بيت المقدس، وهاهي في قبضة شرار الخلق، وأحفاد القردة، قتلة الرسل والأنبياء. وسمعت فيما سمعت أن الخونة والعملاء قد اجتمعوا يومها في المحافل والنوادي يشربون نبيذ الذل والهوان على نخب القوميات والأوطان. فها أنك ترانا ممزقين ومسجونين داخل رقع سيجوها بالأسلاك وزرعوها بالألغام. وسمعت أنهم وقّعوا للعلوج عقود تمليك واستحقاقات، فصارت خيراتنا ملك أيديهم وعدنا نستجدي منهم الفتات.

وسمعت أنهم أحدثوا جعجعة باسم التغيير والإصلاح، قضوا بها على شريعة الإسلام وطبقوا علينا الكفر البواح. وسمعت أن طوابير جيوش الرعب والإرهاب قد تفرقت ساعتها في البلاد، لتدق رايات العار وإرث الإستعمار فوق الدوائر والمؤسسات، وتعيد نصب الأوثان، ثم تصيح في الأهالي، أن هؤلاء ملوككم ورؤسائكم فاركعوا لهم يا موالي. وسمعت أن المدافع التي كانت تحرس ديارنا من فوق الأسوار, قد تحولت فوهاتها نحو قلب البلاد لرصد حركة العباد، استعدادا للقمع والإضطهاد.

في يوم العيد

في يوم العيد، وها أنا اليوم يا عيد لازلت على قيد الحياة، أسمع وأرى، وأذرف دمع الأسى. فقد رأيت المشانق التي رفعت في الساحات، وقد تدلت منها هامات قيل عنها إنها كانت تسعى في الأرض بالفساد. ورأيت السجون قد نبتت في كل محلة وفي أعماق الصحاري، لتبتلع الأحزاب والجماعات. ورأيت الطغاة يتفننون في الفتك بالأشراف والأبرار، ويطلقون العنان للفُسّاد والأشرار. ورأيت أن الكفار لم يشفهم كل ذلك فشنوا علينا الغارات بالليل والنهار. وحولوا خضرة أرضنا، وزرقة سمائنا إلى سواد ودخان ولهيب من النيران. ورأيتهم يجرفون ويهدمون بيوت عامرة، فإذا بها تنقلب إلى خراب ودمار. ورأيت الحرائر يلطمن وجوههن ويستغثن فلا معتصم يلبي النداء ولا خليفة يحفظ الأعراض. ورأيت الأطفال المساكين يركضون هرعا وفزعا، بحثا عن الأهل والأباء بين الأحياء والأموات. ورأيت رجالا قد قضوا نحبهم كمدا وكدرا من القهر والإستبداد. ورأيت وسمعت يا عيد ما يعجز اللسان عن وصفه، والقلم عن خطه، أقرأ ايضا خطبة عيد الفطر المبارك.

حال الناس في العيد

أما حال الناس يا عيد وما أدراك ما حالهم، فقد زادني هما على هم، وغما على غم. فالسواد الأعظم منهم غير واع ولا مبال. وقد صدق عليهم تصنيف سيدنا علي – رضي الله عنه – لما قال،: ” الناس ثلاث: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق،…”. فكأني بهم يا عيد قد ماتت قلوبهم، وعميت أبصارهم. فاستمرؤا حياة الرق والاستعباد. كلما استنهضناهم وناديناهم، أن يا عباد الرحمن، يا أبناء خير أمة أخرجت للناس، يا أحفاد المعتصم والرشيد، أوَ ليست العزة لنا، ونحن أصحاب المنهج العتيد. فمالكم ركنتم للطواغيت واستسلمتم لهم كالعبيد. فهلموا إلى طريق العز وإلى نَجدٍ مجيد,{أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُل رَشِيد}.؟ رد علينا ذووا الفكر العنيد: يا أيها الرهط إنّا لا نفقه قولكم، ولا نصحكم نريد. أوَ تدعوننا لننتكس على أعقابنا، وندندن مثلكم على ماضي أحقابنا. أوَ تريدون منا أن نختزل كل هذه الدول في دولة واحدة في عصر العولمة وزمن التجديد؟ إن هذا لنشاز ورأي غير سديد.

إني أدركت من الأزمنة زماناً عاد فيه الإسلام غريب

هذه قصتنا يا عيد، فنحن في زمن عاد الناطق فيه بالحق غريب. فحالنا يا عيد لا يخفى عن القريب ولا البعيد. وها أنني أستحضر قول الإمام أحمد بن عاصم الأنطاكي، حينما وصف زمانه فقال: ” إني أدركت من الأزمنة زماناً عاد فيه الإسلام غريباً كما بدأ، وعاد وصفُ الحق فيه غريباً كما بدأ، إن ترغب فيه إلى عالم وجدته مفتوناً بحب الدنيا، يُحب التعظيم والرئاسة، وإن ترغب فيه إلى عابد وجدته جاهلاً في عبادته مخدوعاً صريعاً غدره إبليس، وقد صعد به إلى أعلى درجة من العبادة وهو جاهل بأدناها فكيف له بأعلاها؟ وسائر ذلك من الرعاع، همج عوج وذئاب مختلسة، وسباع ضارية وثعالب ضوار”. لله درك يا إمام فلو أدركت زماننا فبماذا ستصف للعيد حالنا؟.

آواه، آواه يا عيد، فكيف تحلو لي أيامك وأتغنى فيها بأغانيك، وحال أمتي كما وصفته لك حال رهيب. فإن كان غيري لا يعبأ بقولي، وليس في قلبه هم كهمي، ولا في نفسه كدر ككدري، وهو بك سعيد، فإني أقول له:

“أمــا أنـا لا عيـد لــي إلا إذا = أبصرت وجه الليـل في إشراق”

“ورأيت حكم الله يجمع شملنــــا = لا حـكم ذي نسب ولا أعـراق”

“ورأيت أَنَّا فــي العقيدة إخــوة = لا فـــي العروبــة نبع شقاق”

“ورأيت سيف الحق يرتقب العِدا = لا المصلحين إذا دعـــوا لوفاق”

“فهنا أُسَرُّ بعيدكم وأصوغ مــا = يحلــو لكـــم من خاطر دفاق”

“أو فارقبوا مني قوافـيَ ثائـــرٍ = قد لا يقيـكم من لظاهـــا واقي”

فالله أكبر، الله أكبر، على من بدل حياتنا إلى حزن مستمر، وحوّل أعيادنا إلى مآتم نبكي فيها بالنهار والسَحَرْ. الله أكبر الله أكبر، على كل طاغية قد تجبّر وكفر، وعلى كل ظالم متكبر قد استبدّ وقهر. الله أكبر، الله أكبر، على كل خائن وغادر وكذّاب أَشِرٌ، وعلى كل كافر شرس قد استعمر ديارنا وعبث بنا ونخر أقرأ ايضاُ موضوع تعبير عن عيد الفطر.