الفلسفة بمنظور جيل دولوز، (بالفرنسية Gilles Deleuze) (18 يناير 1925 – 4 نوفمبر 1995) هو فيلسوف فرنسي كتب في الفلسفة والأدب والأفلام والفنون الجميلة من أوائل الخمسينيات حتى وفاته في عام 1995، وكان أكثر أعماله شعبية مجلدَين عن الرأسمالية والانفصام: مكافحة العقد النفسية عام 1972 وألف هضبة عام 1980،وغيرها.
فلسفة الاختلاف عند جيل دولوز
يوقظنا دلولوز في الاختلاف والتكرار من سباتنا الفلسفي، فقد كان هذا الكتبا نوعا من الآنتي ـ فلسفة، إذا اعتبرنا أن الفلسفة هي ذلك الاختصاص الذي بدأ مع الإغريف، واستمر مع الحضارة الغربية، حيث سادت صورة معينة للفكر، استمرت بأشكال مختلفة في التاريخ. وأراد دولوز أن يقوض هذه الصورة من خلال تقويض مسلماتها. والتقويض هنا ضروري من اجل البناء، فهو نوع من الفوضى الخلاقة والخواء العبقري، اللذين يسمحان بإمكان البناء مجددا، وإمكان التفكير من جديد. الفوضى الخلاقة على طريقة الشاعر وليس على طريقة السياسي.
يكتشف دولوز، من خلال هذه القراءة، شروط القول الفلسفي مبدئيا وواقعيا. فهو يضع كل النصوص الفلسفية في سلة واحدة مكتشفا ما يميزها. لذا فإن كتاب ما الفلسفة؟ هو بمثابة فلسفة للفلسفة.
نعم خصوصية القول الفلسفي واستقلاله عن العلم والفن لا تمنح الأول امتيازا على الأخيرين، وكذا لا تمنع إقامة صلات أكيدة بين الأول وبين الأخيرين.
المفهوم هو ما يمنع الفكر من أن يكون مجرد رأي أو مشورة أو مناقشة أو ثرثرة” مفاوضات، فرنسي 186.
فلسفة مارتن هايدغر
يخالف قولة مارتن هايدغر “العلم لا يفكر” يكسر التقليد الفلسفي العريق عندما اعتبر أن العلم والفن يفكران أيضا إذا، تبدو فكرة دولوز جديدة تماما. العالم والفنان والفيلسوف يفكرون بالتساوي، وهناك قدر كبير من التفكير في كل من الفلسفة والعلم والفن. لا امتياز لاختصاص على آخر في مسألة التفكير. في السابق ادعت الفلسفة التفوق على غيرها. والآن في ظل تقدم العلوم المذهل، يعتبر العلماء أنفسهم متفوقين على غيرهم. لكن في ظل هذا الجو، يأتي دولوز ليقول إن هناك فكرا في كل من العلوم والفنون والفلسفة، وكل اختصاص يفكر عبر أفاعله الخاصة.
لا خوف على الفلسفة من الموت أو الانتهاء، حتى لو نافستها اختصاصات أخرى. فالفلسفة لا تنتهي لأنها ذلك التساؤل الدائم الذي يطرح المسائل ويعيد طرحها باستمرار، ولا تموت لأن البشرية وفقا للعقل البشري، في نوع من معارفه، هذا القدر الخاص: أن يكون مرهقا بأسئلة لا يمكنه ردها، لأنها مفروضة عليه بطبيعة العقل نفسه، ولا يمكنه أيضا أن يجيب عنها، لأنها تتخطى كليا قدرة العقل البشري.
مثلما أن كتاب نقد الحاكمة كتابا مكملا لكتابي نقد العقل المحض ونقد العقل العملي، بل هو كتاب مؤسس لهما. “هذا يعني أن نقد الحاكمة، في جزئه الاستطيقي، لا يأتي ببساطة ليكمل الآخرين: في الواقع يؤسسهما. يكتشف توافقا حرا للملكات كالقعر المفترض عبر كتابيْ النقد الأخيرين. فكل توافق متعين يحيل إلى توافق حر غير متعين يجعله ممكنا بشكل عام” نصوص صحراوية، فرنسي 83.
هذا ما يريد أن ينبهنا إليه دولوز بخصوص ما الفلسفة؟. فهذا الأخير ليس كتابا مكملا لما سبقه من كتب، بل هو يؤسسها جميعا متحررا من كل القيود الموجودة فيها. ولم يتسن لدولوز أن يكتبه، إلا بعد مسيرة طويلة وشاقة وإلا بعد إبداع أسلوب جديد، هو أقرب من اللا أسلوب.
المفهوم الفلسفي عند جيل دولوز
ومن المعروف أن هناك نوعين من المفاهيم، في نظر دولوز:
- مفاهيم تدل على الماهية.
- ومفاهيم تدل على الحدث.
ودولوز من أنصار الاتجاه الثاني الممتد من الرواقيين إلى وايتهيد، مرورا بلايبنتز. الفلسفة هي فن إبداع المفاهيم إلا أن هذا الجواب لا يكفي، إذ عليه هذا السؤال، أن ، أنا يحدد ساعة السؤال ومناسبته وظروفه ومشاهده وشخصياته وشروطه ومجاهليه، يجب أن يتم طرحه “بين أصدقاء” كبوح أو وثوق، أو بوجه العدو كتحد، والوصول في الوقت نفسه، إلى تلك الساعة بين الكلب وبين الذئب، التي نرتاب فيها حتى من الصديق” الاختلاف والتكرار، فرنسي.” نعيم، وهذا ما سماه دولوز منهج المسرحة، في محاضرة حملت نفس العنوان، أعني “منهج المسرحة” نصوص صحراوية، فرنسي إذا، على كتاب ما الفلسفة؟ أن يعالج كل هذه المسائل، وأن لا يكتفي بمعالجة الطبيعة الإبداعية للمفهوم فقط.
يفكر الحكيم المشرفي عبر “الصور”، مستبعدا بساط المحايثة، ومتوسلا سلالات من الآلهة، أو إلها واحدا يضمن به صدقية التفكير. فالصورة لها مرجعية دائما. ويفكر الفيلسوف اليوناني عبر المفاهيم. إنه صديق المفهوم. فهو يبدع المفهوم ويفكرن. إذا إنه صديق ما يبدع. وهو لا يتوسل أحدا ليضمن به صدقية تفكيره، لأنه يفكر على بساط المحايثة. إنه يفكر عبر قواه الطبيعية، عبر النور الطبيعي، على الأقل وفقا لصورة الفكر الكلاسيكية.
المحايثة في الفلسفة
المحايثة في الفلسفة، إضافة إلى مجتمعات الصداقة، لابد من توافر شرطيْ المحايثة وتبادل الرأي أيضا كشرطين واقعيين آخرين من شروط الفلسفة الواقعية. لقد ميز دولوز بين مجتمعات تعمل بالمحايثة، وأخرى تعمل بالمفارقة. الأولى تسهل قيام الفلسفة في حين أن الثانية تعيقها. لذا نقول إنه لا يمكن للمجتمعات الدينية أن تسهل قيام الفلسفة، لأن الفلسفة بحاجة إلى التحرر من كل المرجعيات حتى يمكن للعقل أن ينطلق ويفكر. والفلسفة في نظر دولوز، هي فلسفة بحصر المعنى، من دون أي إضافات. فهي ليست يهودية أو مسيحية أو إسلامية لأنها قول عالمي يتوجه إلى الإنسان بما هو إنسان.
لم يعد الصديق عند الإغريق مثالا تجريبيا أو شيئا برانيا وحسب، بل أصبح شرطا من شروط إمكان الفكر بما هو كذلك، شرطا من شروط إمكان الفلسفة بما هي كذلك. إنه شرط قبلي، مجاوز. الفيلسوف صديق الحكمة وهو يريد الحق طبيعيا ويجد في نفسه الإرادة الطيبة. وهذه هي إحدى مسلمات صورة الفكر الكلاسيكية. أقرأ ايضا أسئلة الفكر الفلسفي.
تهمل الفلسفة التجريبي وتهتم بالمجاوز. وعلينا أن نهتم بشروط الفكر بما هو كذلك. ومن شروط الفكر، الشخصية المفهومية، أو الشخصيات المفهومية التي تقوم بإبداع المفاهيم وتشييد البساط. والصديق هو شخصية مفهومية عند الإغريق. لذا، علينا أن نتناول الشخصيات المفهومية في تحليلنا للنصوص الفلسفية لنستطيع فهم تطور الفلسفة وتحولاتها..انا، وهذه خطوة في تنفيذ ما يقول دولوز بشأن أن الاعتناء بتربية المفهوم تنجينا من السقوط من علو الموسوعية لهويات المستوى الثالث من التعامل مع المفهوم، أي التجاري.
الفلسفة هي اختصاص إبداعي يقوم على إبداع المفاهيم بالمعنى الدقيق للكلمة. لذا، ليس المفهوم معطى . ولا تنتظرنا المفاهيم في سماء ما، جاهزة لنكتشفها، أو لنعلن عن وجودها المفهوم من دون المسألة الفلسفية لا معنى له. وهو بخلاف الرأي، يتمتع بالضرورة، كما أنه بحاجة إلى توقيع. لذا نجد أن كل المفاهيم موقعة.
ويجب ألا ننظر إلى الفلاسفة بميزاتهم التجريبية، بل بما هم شخصيات مفهومية. فالفيلسوف ليس سوى قناع أو قشرة خارجية للشخصية أو للشخصيات المفهومية التي تسكنه.
والعلم والفن اختصاصان إبداعيان أيضا لأنهما يفكران. والفكر ليس عملية فطرية أو طبيعية، بل هو عملية توليدية، تناسلية. لذا، على العلم والفن أن يتميزا بإبداعات خاصة بهما.